القائمة الرئيسية

الصفحات

 

 

 

ملخص في مقياس الملكية الفكرية


 

مقدمة :  إن الحقوق الفكرية قديمة قدم الانسان نفسه، و عرفها منذ بدء حياته و رعاها بالتطور على مر السنين إلا أنها قد برزت بصورة ملموسة في أعقاب الثورة الصناعية ثم تبلورت فيما مضى من العقود حتى أصبحت من أيرز مميزات هذا العصر و معيار التقدم فيه.

      فحقوق الملكية الفكرية ومقارنة مع باقي الحقوق فهي تعتبر من الحقوق الحديثة والتي أقرتها  القوانين نتيجة التطور الفكري  والصناعي في الآونة الخيرة  ، حيث تجمع بين شقين الأول يعرف بالحقوق الأدبية والفنية ومنها حقوق المؤلف ، وملكية صناعية ومنها حقوق الاختراع .

وعليه فإن الاهتمام بهذه الحقوق جاء مبكرا في اوروبا حيث سنت القوانين لأجل تنظيمها و حمايتها و على هذا النحو سارت الدول العربية لأهمية  هذه الحقوق التي تشكل  أرقى صور حقوق الملكية على وجه الاطلاق، والسبب في ذلك بسيط كون موضوع  هذه الملكية يتصل اتصالا مباشرا بأسمى ما يملكه الانسان وأرقاه ،وهو العقل البشري في إبداعاته وقوته على التفكير والبحث

ولأجل الوقوف على الاطار العام لحقوق الملكية الفكرية و ما تتضمنه من عناصر علينا اولا تحديد أهم النقاط الأساسية التي تتمحور حولها حقوق الملكية الفكرية.

أولا : مفهوم الحقوق الفكرية: الملكية الفكرية مصطلح قانوني يدل على كل مل ينتجه العقل البشري من أفكار تتم ترجمتها الى أشياء ملموسة و يعود أصل كلمة ملكية والتي تعني جق المالك أي حق الانسان على ثمرة فكره الى اللغة الاتينية "

proprius

أما كلمة 'فكرية' فهي تشمل الفكر أو التفكير الذي يعد نشاطا خاص بالإنسان و المقصود هنا التفكير المبني على اليقين و التأمل و ليس التفكير السطحي اذ يجب التمييز بين التفكير الواعي الذي يؤدي للإبداع و الاختراع وليس التفكير العابر .

أما مصطلح "الملكية" فهي السلطة التي يستطيع الشخص سواء كان طبيعي أو معنوي أن يباشره على الشيء الذي يملكه.

و التتي عرفها القانون المدني الجزائري في المادة 674 على أنها  حق التمتع و التصرف في الأشياء بشرط أن لا يستعمل استعمالا تحرمه القوانين و الأنظمة و تتضمن عناصر حق الملكية حق الاستعمال ، حق الاستغلال ، حق التصرف .

و عليه مصطلح الملكية الفكرية باختصار يعني امتلاك الشخص لثمرة جهده الفكري الناتج عن التفكير المعمق الواعي .و المسماة أيضا بالحقوق الذهنية و التي تضم كل إنتاج فكري للعقل البشري و تنقسم إلى قسمين:

حقوق الملكية الادبية و الفنية :و التي ترد في شكل حقوق المؤلف على مصنفاته و كذا مختلف أشكال الحقوق المجاورة و التي تمكن صاحبها من خق الاحتكار المؤقت لاستثماره و التي ستفصل فيها لاحقا.

حقوق الملكية الصناعية و التجارية:و التي تشمل كل ما يتعلق بالاختراعات و الرسوم و النماذج الصناعية والعلامات الخاصة بالسلع و الخدمات اضافة الى تسميات المنشأ.

أهمية حقوق الملكية الفكرية: تنعكس أهمية حقوق الملكية الفكرية بشكل ظاهر على الجانب الاقتصادي و الاجتماعي و كذا العلمي إضافة لأهميتها على المستوى القانوني وعلى هذا الأساس أوردها المشرع الجزائري [1]ضمن باب الحقوق و الحريات إذ نصت المادة 44 من التعديل الدستوري لسنة 2016  الصادر بتاريخ 07 مار س2016 في الجريدة الرسمية عدد 14 على أن :

   "حرية الابتكار الفكري و الفني والعلمي مضمونة للمواطن .

حقوق المؤلف يحميها القانون"

  و عليه فإن الحقوق الفكرية تعد حقوقا مميزة لأنها تختص بالجهد الفكري للإنسان و على هذا فهي حق دستوري مشمول بالحماية .

فالأهمية الاقتصادية  تتمثل في كون هذه الحقوق تشكل الدراية العلمية بالانتاج و التوزيع و التسويق فهي حجر الزاوية في التطور الاقتصادي.

 فالحقوق الفكرية أداة للنمية الاقتصادية لدورها الفعال في النشا الاقتصادي و خاصة في مجال الاستثمار حيث يعود سبب التقدم في بلدان عديدة الى مكانة الالتكارات و المعارف في النمو الاقتصادي.

فالحقوق الملكية الفكرية تشمل كافة الحقوق الناتجة عن النشاط الفكري للإنسان في الحقول الفنية و الادبية و العلمية و الصناعية و التجارية وما أشبه.

فالتفاوت بين الدول في امتلاك الحقوق الفكرية أدى لتقسيم دول العالم الى مجموعات متفاوتة في مجال التقدم

أما أهميتها على المستوى العلمي فتتمثل على وجه الخصوص في إحتكار المعرفة و بالتالي قصر حق الاستثمار على الدول المالكة للحقوق الملكية الفكرية بصفة عامة و حرمان غيرها من الانتفاع بهذه المخترعات او تقييد حق الانتفاع بشروط مجحفة.

إلى جانب ما سبق فإن حقوق الملكية الفكرية لها دور من الناحية التجارية جيث بإمكانها أن تكون عنصرا من العناصر الجوهرية في الذمة المالية للتاجر و التي تعتبر من العناصر الاستثنائية  للمحل التجاري لعدم توفر كل المحال التجارية عليه.

  فالظاهر أن حقوق الملكية الفكرية التي عرفها الفقه على أنها سلطة مباشرة يعطيها القانون للشخص على كافة منتجات عقله و تفكيره و تمكنه مكنة الاستئثار و الانتفاع بما تدره عليه هذه الافكار من مردود مالي لمدة محددة قانون ادون منازعة أو إعتراض من أحد"

بناء على ما سبق يتضح لنا أن هذه الحقوق تمتع بخصائص تجعلها تتميز عن بقية الحقوق الاخرى ، فما طبيعة حقوق الملكية الفكرية و في أي خانة تندرج؟

طبيعة الحقوق الفكرية:قسم فقهاء القانون الحقوق المالية إلى قسمين رئيسيين ، الأول قسم الحقوق العينية و الثاني قسم الحقوق الشخصية و من ثمة درجوا على رد أي  حق من الحقوق إلى أحد القسمين أي الى الحقوق العينية و التي تعني إختصاص شخص معين بمال معين إختصاصا مباشرا بقوة القانون. فهي حقوق يقررها القانون لشخص معين على شيء معين بحد ذاته كحق الملكية .

في حين أن الحقوق الشخصية محلها إلتزام شخص اتجاه شخص آخر بالقيام أو الامتناع عن القيام بعمل معين كما هو الحال بالنسبة للدائن و المدين اذ تجمعهما رابطة قانونية يتم بمقتضاها أداء الدين أو كما هو الحال اذا دفع المشتري ثمن الشيء المبيع.

     بالرجوع الى حقوق الملكية الفكرية فقد إختلف الفقهاء في تحديد طبيعتها إذ أن هناك من ردها الى قسم الحقوق الشخصية استنادا لتعلقها بالشخص في حد ذاته أما الرأي الآخر فردها الى قسم الحقوق العينية نظرا لما تعطيه لصاحبها من حقوق استئثارية.في حين ذهب عبد الرزاق السنهوري الى القول أن "حق المؤلف أو المخترع ليس حق ملكية بل هو حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته الخاصة و ترجع هذه المقومات الى أنه يقع على شيئ غير مادي".

بالتمعن في الأراء السابقة نرى أن طبيعة حقوق الملكية الفكرية الخاصة جعلتها تفرض نفسها و تخلق صعوبة في ردها إلى قسم الحقوق الشخصية أو قسم الحقوق العينية نظرا لكون هذه الحقوق تخص أشياء غير مادية تتعلق بانتاج الفكر و ابتكاره و تعطي لصاحبها حقا معنويا بالأبوة على أفكاره كما تعطيه أيضا حقا ماليا في احتكار و استغلال تك الافكار و هذه الميزة لا توفرها لا الحقوق العينية و لا الحقوق الشخصية ،و بالتالي فإن التقسيم الثنائي للحقوق أضح من الماضي و عليه تم الاعتراف بقسم جديد من أقسام الحقوق يتضمن كل الحقوق التي ترد على شيئ غير مادي و غير محسوس وهو قسم الحقوق الذهنية أو الفكرية و الذي يتضمن جانبين و هما الجانب المعنوي و يتمثل في الاعتراف لصاحبها بحق نسبة تلك الحقوق إاليه و حده دون غيره و الجانب الثاني مادي و يتمثل في الاعتراف لصاحبها بحق الاستئثار بتلك الحقوق و إستغلالها ماليا.

فحقوق الملكية الفكرية أو الحقوق الذهنية ، كما يطلق عليها الحقوق المعنوية هي حقوق مالية ترد على أشياء غير مادية .

مصادر حماية حقوق الملكية الادبية و الفنية على المستوى الدولي و الوطني:

ظهرت الحاجة الى حماية حقوق الملكية الفكرية على الميتوى الدولي عندما امتنع العديد من المخترعينالاجانب عن المشاركة في في المعرض الدولي للاختراعاة بفيينا سنة 1873نظرا لخشيتهم من من ان ننعرض اختراعاتهم للنهب و الاستغلال التجاري في بلدان أخرى .

اتفاقية الويبو:  WIPO لحماية حقوق التأليف لعام 1996 والتي جاءت كاتفاق خاص وفقا للمعنى الوارد في  المادة ( 20 ) من اتفاقية برن للإعلان عن نطاق و حدود الحماية المقررة لحق المؤلف على المصنفات الأدبية والفنية.

كما عززت اتفاقية الويبو من مكانة اتفاقية برن؛ عندما نصت في مادتها الأولى ضرورة التزام الدول الموقعة عليها بالمواد الأساسية في اتفاقية برن ومنها المواد من ( 1الى 21) وملحق اتفاقية بيرن. كما أنها فتحت المجال للدول الأعضاء في اتحاد برن للانضمام إليها.

كما أنها لا تنتقص من أي من الحقوق أو الالتزامات الواردة في غيرها من الاتفاقيات كاتفاقية (TRIPS) والاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف.

الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة:

حرصا من المشرع الجزائري على حقوق المؤلفين والفنانين، قرر إنشاء هيئة وطنية عامة تتولى حماية هذه الحقوق والدفاع عنها. فأنشأت الدولة الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي  يمثل مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري وهو يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يباشر أعماله تحت وصاية الوزارة المكلفة بالثقافة، ومقر الديوان مدينة الجزائر .

 تم إنشاء هذا الديوان بموجب الأمر رقم 73/74 الصادر في 23 جويلية 1973، تم إعادة النظر فيه في هيكلة الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة  بمقتضى المرسوم التنفيذي 98-366 الصادر في 1998، ثم بالمرسوم رقم 05-356 الصادر في 21 سبتمبر 2005 المتضمن القانون الأساسي للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

اختصاصاته :  جاء في القانون الأساسي, يتولى الديوان مهمة إدارة انواع الحقوق المتعلقة بالملكية الأدبية, العلمية والفنية أي ب:

-حقوق مؤلفي المصنفات الأدبية.

-حقوق مؤلفي المصنفات الدرامية, الموسيقية سواء آانت مرفقة بالكلمات أو صامتة.

-مصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية و أعمال واداءات  أصحاب الحقوق المجاورة.

يعمل الديوان أساسا على:

-حماية المصالح المادية والمعنوية للمؤلفين , لذوي الحقوق وأصحاب الحقوق المجاورة, والدفاع عنها تقديم الدعم التقني و القانوني للمؤلفين.

 -ممارسة جميع الحقوق المتعلقة بالتمثيل العمومي لأعمال المؤلفين واستغلالها بجميع الوسائل

-أن يتلقى وحده بالجزائر جميع التصريحات الخاصة بالأعمال ويعمل على تشجيع الإنتاج الفكري بتوفير الظروف الملائمة لذلك بالإضافة للعمل على حماية التراث الثقافي الوطني التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية لحماية حقوق المؤلفين.

ثانيا : تقسيمات حقوق الملكية الفكرية:

تنقسم هذه الحقوق ألى قسمين رئيسيين و هما:

أ/حقوق الملكية الادبية و الفنية :و تسمى أيضا بحق المؤلف و الحقوق المجاورة و هي مجموع الحقوق التي ترد على الانتاج الذهني للمؤلف و التي يقرها القانون وفق شروط معينة و في مجالات محددة و يترتب عنها نوعان من الحقوق:

-حقوق معنوية مرتبطة بشخصية المؤلف:  أن الحق الأدبي لا يقبل التصرف فيه بأي شكل من الأشكال سواء بالهبة أو الرهن أو الايجار أو غير ذلك، و بطبيعة الحال ذلك لأنه حق لصيق بشخصية المؤلف، فهو نتاج ذهنه و أفكاره، و لا يتقادم هذا الحق لأنه يعكس الحماية لشخصية المؤلف و سمعته الأدبية، فلا يسقط بعد مماته و توجه له حماية حتى بعد الوفاة من قبل ورثته الشرعيين، كما أنه حق لا يقبل الحجز عليه فهو دائم و أبدي، و هو غير قابل للتغيير حتى بعد وفاة المؤلف و قد نصت على هذه الحقوق اتفاقية بارن[2]. وهي:

-حق احترام سلامة المصنف : فلا يمكن لأي طرف أن يقوم بتغيير محتوى المصنف بدون إذن المؤلف و هذا الحق نصت عليه المادة 25 من الأمر 03/05 " المؤلف هو الوحيد الذي يمكنه تغيير محتوى مؤلفه " و ليس الناشر .

-حق ذكر اسمه العائلي أو اسمه المستعار على تأليفه : فللمؤلف وحده حق نسب المصنف إليه وفقا المادة 23 من أمر 03/05 .

-الحق في إفشاء المصنف : في الوقت الذي يحدده المؤلف و لا يجوز لي شخص آخر أن يتولى إفشاء المصنف بدون لإذن المؤلف و هدا الحق و رد في المادة 22 من أمر 03/05

       -حق الندم أو حق السحب : الذي يمارسه المؤلف ليحمي مؤلفاته من التداول لدى الجمهور و عندما يعتبر أن مؤلفاته أصبحت غير مطابقة مع قناعاته .و كرست هدا الحق المادة 24 من الأمر 03/05

-حقوق مالية تسمح باستغلال المؤلف لمصنفه:  والتي تشمل الحق المادي و الحق المالي ، بالنسبة للحق المادي و التي أقرته المادة 21 فقرة 03 من القانون 03-05 صراحة على النحو التالي: " تمارس الحقوق المادية من قبل المؤلف شخصيا أو من يمثله أو أي مالك آخر للحقوق بمفهوم هذا الأمر." و بالتالي المؤلف هو الشخص المخول قانونا في ممارسة الحقوق المادية الناتجة عن المصنف دون غيره الا في الحالة التي يفوض فيها المؤلف هذا الحق للغير.

أما الحق المالي للمؤلف هو عبارة عن تلك القيمة المالية التي ترجع له مقابل ابتكاره و ابداعه الذهني، كما أنه حق استئثاري يقرر للمؤلف بذاته دون غيره، و خاصية هذا الحق أنه مؤقت، متعلق بالوقت إذ ينقضي بمجرد مرور مدة معينة يحددها القانون، و في اطار هذا الحق يمكن للمؤلف أن يقوم باستغلال مصنفه بما يعود عليه بالفوائد و الأرباح المالية.

و تسمى بحقوق الاستغلال و تنبع من الحق الاستئثاري للمؤلف للترخيص استغلال مؤلفاته   و الحقوق المالية متنوعة

و هي حقوق اقتصادية بالدرجة الأولى و هي ناتجة عن إمكانية المؤلف من ترويج مصنفاته . و تتمثل في: حق النسخ ، حق الاداء العلني أو النقل للجمهور ، الحق في التتبع ،  حق التحويل عن طريق الترجمة و الاقتباس و التحوير droit de transformation de louer par la traduction l adaptation a l’arrangement 

و قد نصت عليه المادة 27 الفقرة الأخيرة من الأمر 03/05.، حق التتبع المكرس في المادة 28 من أمر 03/05 وفي المادة 14 من اتفاقية بارن .إضافة إلى حق التأجير. .droit  de rémunération: و حق المكافئات المالية.

المؤلف: يعرف عند بعض الفقه على أنه كل شخص يقوم بإنتاج فكري مبتكر سواء أكان هذا الانتاج أدبيا أو فنيا، و كيفما كانت طريقة التعبير عنه إما بالكتابة أو الرسم أو التصوير أو غير ذلك من الوسائل و الطرق الأخرى، و يستدل على شخص  المؤلف من خلال وضع اسمه على المصنف. مع امكانية استعمال المؤلف للاسم المستعار دون الاسم الاصلي.

عرف المشرع الجزائري المؤلف وفقا للمادة 12 من القانون03/05 المتعلق  بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة على أن " يعتبر مؤلف مصنف أدبي أو فني في مفهوم هذا الأمر الشخص الطبيعي الذي أبدعه. يمكن اعتبار الشخص المعنوي مؤلفا في الحالات المنصوص عليها في هذا الأمر."  

من خلال مراجعة النص الانف الذكر نلحظ بأن المشرع الجزائري لم يخص الشخص الطبيعي وحده بحق التأليف حيث كل من الشخص الطبيعي والمعنوي يمكن أن يعتبر مؤلفا أذا توافرت الشروط القانونية المطلوبة لذلك.

  تنص المادة 13 من الأمر 03-05 المتعلق بحماية حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة: "أنه يعتبر مالك لحقوق المؤلف الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يصرح بالمصنف باسمه أو يضعه بطريقة مشروعة في متناول الجمهور، أو يقدم تصريحا باسمه لدى الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، مالم يثبت عكس ذلك، و تضيف نفس المادة أنه حتى و إن نشر المصنف بدون اسم مؤلفه فإنه ينسب إلى الشخص الذي وضعه في متناول الجمهور بالطرق المشروعة، و كذلك إن نشر المصنف مجهول الهوية، بدون الاشارة إلى هوية صاحبه أو من وضعه في متناول الجمهور فإن الديوان الوطني لحقوق المؤلف هو من سيتولى ممارسة الحقوق المنجزة عن ذلك المصنف إلى غاية التعرف على مالك تلك الحقوق.

حق المؤلف: هو مصطلح قانوني يعني الحقوق الممنوحة للمبدعين عن انتاجهم الذهني المسمى بالمصنفات الأدبية و الفنية و التي تشمل المصنفات الأدبية مثل الرواية و القصائد الشعرية و المسرحيات و الصحف و برامج الحاسوب، أما المصنفات الفنية فتتمثل في اللوحات الزيتية و الرسوم و الصور الشمسية و المنحوتات.

حيث وضح المشرع الجزائري في المادة 04 من القانون 03-05 المتعلق  بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة ما يعتبر مصنفات أدبية و فنية على النحو التالي:

" تعتبر على الخصوص كمصنفات أدبية و فنيةو فنية محمية ما يأتي:

أ- المصنفات الأدبية المكتوبة مثل: المحاولات الأدبية، و البحوث العلمية و التقنية، الرواية و القصص، و القصائد الشعرية، و برامج الحاسوب، و المصنفات الشفوية مثل المحاضر و الخطب و المواعظ و باقي المصنفات التي تماثلها.

ب- كل مصنفات المسرح و المصنفات الدرامية و الدرامية الموسيقية و الايقاعية و التمثيليات الايمائية.

ت- مصنفات الفنون التشكيلية و الفنون التطبيقية مثل الرسم، و الرسم الزيتي، و النحت، و النقش، و الطباعة الحجرية و فن الزرابي.

ث- الرسوم و الرسوم التخطيطية و المخططات و النماذج الهندسية المصغرة للفن و الهندسة المعمارية و المنشآت التقنية.

ج- الرسوم البيانية و الخرائط و الرسوم المتعلقة بالطوبوغرافيا أو الجغرافيا أو العلوم.

ح- المصنفات التصويرية و المصنفات المعبر عنها بأسلوب يماثل التصوير

خ- مبتكرات الألبسة للأزياء و الوشاح.[3]

المصنف: هو كل إنتاج ذهني يشمله القانون بحماية حق المؤلف مهما كانت طريقة التعبير عنه أو أهمية أو الغرض منه وفقا للمادة 03 من القانون المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة الجزائري[4]

ويعرفه الدكتور عبد المنعم فرج الصدة بأنه"كل إنتاج ذهني أيا كانت طريقة التعبيير عنه".

أما المشرع المصري فقد عرف المصنف في  قانون الملكية الفكرية  رقم 82 لسنة 2002،من خلال نص المادة 138 في فقرتها الخامسة على أنه :

"كل انتاج ذهني أيا كانت طريقة و صورة التعبير عنه "

فالملاحظ أن تعريف المشرع المصري جاء موافقا لتعريف الدكتور عبد المنعم فرج ، فالتعريف عاما و غير محدد و لا مقيد لشكل المصنف أو للطريقة المستعملة في اخراجه للجمهور.و عليه العبرة ليست بطريقة التعبير عن المصنف أو طريقة إخراجه للجمهور و إنما العبرة بكونه إنتاج ذهني فكري أصلي.

غير أن المصنف وفقا للتطور التكنولوجي أخذ أشكالا مخالفة لما عهدناه حيث أضحت المصنفات الرقمية هي الأخرى تفرض وجودها

المصنفات الرقمية :هي مصنفات ابداعية ذهنية تنتمي إلى بيئة المعلوماتية وهي مصنفات الكترونية أو رقمية  تمثل التعبير عن النشاط الذهني الشخصي لمؤلفها ، و يطلق عليها المصنفات المعلوماتية لتساير التقدم في الأداء لمصنفات الملكية الفكرية عبر الحواسيب و شبكة المعلومات لتتوافق مع الحاجات المشروعة لمستخدمي تلك الشبكة الدولية [5] .

   عرف بعض الفقه المصنفات الرقمية بأنها تعتبر الوسيلة التقنية التي تسمح بنقل المعلومة من ظاهرة محسوسة إلى ظاهرة تدرك بواسطة أرقام وفق الترقيم المزدوج(0-1)، كما يعرف المصنف الرقمي على أنه مصنف إبداعي عقلي ينتمي إلى بيئة المعلومات، والتي يتعامل معها بشكل رقمي .

  أما المشرع الجزائري في ظل الأمر رقم 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة لم يعرف المصنفات الرقمية وإنما ذكرها على سبيل المثال لا الحصر، حيث نصت المادة 5 من الأمر رقم 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة على حماية برامج الحاسوب و المادة 4 من الأمر رقم 03-05 نصت على حماية قواعد البيانات إذا توفرت فيها شروط الأصالة.

-أما المشرع المصري هو الاخر لم يعرف المصنف الرقمي بل أشار إليها بشكل صريح وواضح في البند التاسع من المادة 151 من قانون حماية الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002.

و تتمثل المصنفات الالكترونية حديثة  و متعلقة بالعقل الالكتروني وتنقسم الى ثلاثة أنواع:

-برامج الحاسوب.                                                 

-قواعد البيانات .

-الوسائط المتعددة . 

-برامج الحاسوب : Programmes d’ordinateur 

 ويقصد بها مجموعة من التعليمات التي تسمح بعد نقلها على دعامة تستطيع الآلة قراءتها لبيان أو أداء أو إنجاز وظيفة أو مهمة أو الوصول الى نتيجة معينة بواسطة آلة معالجة المعلومات

ويمكن استخدامها بطريق مباشر أو غير مباشر في حاسب . ويتم إعداد البرنامج عادة من متخصصين لدى شركات إنتاج الحاسب أو من شركات متخصصة في اعداد برمجيات تلك الحاسبات [6]

وقد نصت عليها المادة الثالثة من الامر 03-05 التي ادرجتها ضمن المصنفات الادبية المكتوبة المحمية .

  -  قواعد البيانات Les bases de données : تعد من المصنفات الالكترونية لارتباطها بنظام الاعلام الالي ،وهي مصنفات محمية وعرفت على أنها:"مجموعة من البيانات او المواد الاخرى أيا كان شكلها اذا كانت تعتبر ابتكارات فكرية بسبب محتوياتها وترتيبها . كما عرفت أيضا على أنها أي تجميع متميز للبيانات يتوافر فيه عنصر الإبتكار أو الترتيب أو أي مجهود شخصي يستحق الحماية وبأي لغة أو رمز وبأي شكل من الأشكال يكون مخزن بواسطة حاسب و يمكن استرجاعه بواسطته أيضا.

-محركات البحث: هي البرنامج الذي يبحث في فهرس ما يحتوي على ملايين الصفحات للحصول على وثائق مطابقة لموضوعات البحث، ثم يقوم بتصنيفها .

-   البرنامج الآلي (الروبوت  Robotsوهي برامج كمبيوتر تجوب أنحاء الشبكة العنكبوتية والمواقع المختلفة عبر الوصلات من وصلة إلى أخرى تجمع معلومات لإضافتها في قاعدة البيانات الخاصة بالمحرك ، وكذلك تبحث عن المحدث من الصفحات .

وتتكون محركات البحث من أربعة مكونات رئيسية : قاعدة بيانات ، المفهرس، برنامج المصنف المتعدد الوسائط

الوسائط المتعددة: يقصد بالمصنف المتعدد الوسائط وسائل تمثيل المعلومات باستخدام أكثر من نوع من الوسائط مثل الصور والأصوات والنصوص النص المترابط، ويتميز هذا النوع من المصنفات بدمج عدة عناصر وتفاعلها معا عن طريق برامج الحاسوب.

وعرفه الفقه الفرنسي بأنه تأليف مجموعة متنوعة من النصوص والأصوات والصور والبيانات في شكل معلومات على أقراص مدمجة أو على دعامة إلكترونية أخرى[7].

 

 

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يشر إلى هذا النوع من المصنفات، إلا أنه ترك قائمة المصنفات المشمولة بالحماية مفتوحة، وبهذا يتمتع المصنف المتعدد الوسائط بموجب هذا القانون بالحماية بمجرد توفر شروطها

ولقد اعتبر المشرع الجزائري صفحات "الواب" مصنفا متعدد الوسائط لكونها تتكون من نصوص ورسوم بيانية وصور موصولة بينها عن طريق وصلات تسمى النصوص المتعددة.

لقد أسبغ الاسترجاع، أدلة البحث[8].

بعد أن تعرفنا الى المصنفات التي خصها المشرع الجزائري بالحماية نقول أن الى جانب هذه المصنفات الاصلية المحمية قانونا هناك ما يسمى بالمصنفات المشتقة و التي تعني تلك المصنفات التي ابداعها يتم بالاستناد للمصنفات الاصلية و التي حددتها المادة05 من الامر 03/05.

الحقوق المجاورة: تلك الحقوق الممنوحة لفئة غير مصنفة ضمن فئة المؤلفين و لكنها تساهم في نقل المصنفات إلى الجمهور كفئة المؤدين، و تتميز هاته المساهمات بمهارات ابتكارية و فنية أو تنظيمية في عملية النقل للجمهور و تتمثل هذه الفئات في : فناني الأداء و تشمل المغنين و المطربين و الموسيقيين و الممثلين و الراقصين، أما بالنسبة لمنتجي التسجيلات أو الفوتوغرافات فهي تتعلق بكل التسجيلات المثبتة على أقراص أو كاسيت أو تسجيلات رقمية، و آخر فئة هي هيئات البث الاذاعي و التلفزيوني فهي تعنى بتنفيذ البرامج الإذاعية و التلفزية.[9]

 عرفها بعض الفقه على أنها :"تلك الأعمال التي تهدف إلى نشر المصنفات الأدبية و الفنية دون ابداعها ،أو هي تلك الحقوق المترتبة على حق المؤلف و المتشابهة له من تحرير فني لهذا العمل ليقدمه للجمهور أو تلك التسجيلات الصوتية المتصلة به، أي أن الحقوق المجاورة ليست حقوق اصلية ناتجة عن الابداع أو الابتكار و غنما هي حقوق لصيقة او مسيارة للحق الأصلي فوجودها مرتبط بمؤلف المصنف المبدع.."

أما المشرع الجزائري فمن خلال  نص المادة 107 من القانون 03-05 عدد أصحاب الحقوق المجاورة الذين تكفل لهم حماية قانونية لقاء أعمالهم، و هم الفنان المؤدي أو فنانو الأداء، منتجو التسجيلات السمعية أو التسجيلات السمعية البصرية، و هيئات البث الإذاعي السمعي أو السمعي البصري.

يتبع .....

  

                                                                                      



[1] و لقد كرس الدستور الجزائري  لعام 1996 هذه الحماية في مادته 38 إذ نص على أن حرية الابتكار الفكري و الفني و العلمي مضمونة للمواطن. حقوق المؤلف يحميها القانون.

[2]

- .[3] امر رقم 03-05 مؤرخ في 19 جمادى الأولى عام 1424هـ الموافق لـ 19 يوليو سنة 2003 و المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، جريدة رسمية عدد 44 الصادرة بتاريخ 23 يوليو 2003، ص 04

[4] -- .  امر رقم 03-05 مؤرخ في 19 جمادى الأولى عام 1424هـ الموافق لـ 19 يوليو سنة 2003 و المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، جريدة رسمية عدد 44 الصادرة بتاريخ 23 يوليو 2003،

-[5] دنيازاد قلاتي ، الحماية الجزائية للحق المعنوي للمؤلف على المصنفات الرقمية ، مجلة العلوم الانسانية ، جامعة محمد خيضر بسكرة جوان 2016 ص 319

[6] - د/محمد محي الدين عوض ،حقوق الملكية الفكرية وانواعها وحمايتها قانونا ،مركز الدراسات والبحوث ،جامعة نايف العربية للعلوم الامنية ،الرياض سنة 2004 العدد 336،ص49.

[7] -  المرسوم التنفيذي رقم 98 - 257 المؤرخ في 25 أوت 1998 الذي يضبط شروط وكيفيات إقامة خدمات الانترنت و استغلالها.

[8]-د/محمد محمود زين الدين ، قواعد البيانات الرقمية وأهميتها في بناء محركات البحث أستاذ مساعد تقنيات التعليم، كلية التربية جامعة الملك عبد العزيز،مقال منشور على موقع المعلوماتية.

[9] -- أ. عجة الجيلالي، أزمات حقوق الملكية الفكرية ،دار الخلدونية، دون طبعة ، دون سنة نشر،الجزائر، ص 297.

تعليقات