العقد التجاري الدولي :
إن تحديد المقصود بالعقد التجاري الدولي يقتضي ضبط عناصره و توضيح خصائصه ، و لذا سنتعرف على العقد التجاري الدولي من خلال الآراء الفقهية والنصوص القانونية من جهة ، ثم نتطرق بعد ذلك إلى الخصائص التي تميز هذا العقد عن غيره من العقود .
المطلب الأول :تعريف العقد التجاري الدولي:نتعرف من خلال هذا المطلب على تعريف العقد لغة و إصطلاحا ، ثم نتطرق لتعريف العقد ذا الصفة الدولية .
الفرع الأول :معنى العقد لغة و إصطلاحا :
أولا /لغة :أصل العقد في اللغة هو الربط والوصل ، ويأتي هذا المعنى من ربط الشيئ بغيره و هو وصله به كما تعقد الحبل بالحبل ، أي إذا وصل به شدا [1]،و العقد في لغة العرب إحكام الشيئ وتقويته و الجمع بين أطرافه بالربط المحكم ، أي الربط ضد الحل أي أن العقد عند اللغويين هوما يفيد الإلتزام بشيئ عملا كان أو تركا من جانب واحد أو من جانبين لما في ذلك من معنى الربط والتوثيق [2].
ثانيا/إصطلاحا :إن معنى العقد إصطلاحا هو التصرف القانوني القائم على توافق إرادتين أو أكثر بقصد إنشاء إلتزام أو تعديله أو إنهائه .
ثالثا/تعريف العقد قانونا: عرف المشرع الجزائري العقد في نص المادة 54 من القانون المدني على أنه " العقد إتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيئ ما "، أما المشرع الفرنسي فعرف العقد على أنه "إتفاق تتولد عنه الإلتزامات ذات القوة التنفيذية ، والمعترف بها قانونا ".
أما المشرع الفرنسي فقد عرف العقد " العقد إتفاق إرادتين أو أكثر لأجل إنشاء علاقة قانونية "، أما
التشريعات الإنجلوساكسونية فقد عرفت العقد على انه إتفاق تتولد عنه الإلتزامات ذات القوة التنفيذية و المعترف بها قانونا .
وعرفه الدكتور عبد الرزاق السنهوري على أنه "توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو نهائه "[3].
تنقسم العقود من حيث تنظيمها إلى عقود مدنية و عقود تجارية و عقود إدارية ،و العقود المدنية هي الأصل العم للعقود الذي يرتد إليه كل ما لا يدخل في طائفتي العقود التجارية و العقود الإدارية [4] و بما أننا بصدد دراسة العقد التجاري الدولي فيمكن القول ان العقود التجارية هي تلك الأدوات التجارية لتبادل الثروات و الخدمات في ميدان النشاط التجاري ، إذ بواسطتها يتم التعامل التجاري سواء في نطاق التجارة الداخلية أو في نطاق التجارة الدولية [5].
ثانيا :تعريف العقد الدولي :
يقصد بالعقد كما وضحنا سابقا توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين يتمثل في إعطاء شيئ أو القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل ، ويكون هذا الأخير إما عقدا داخليا أو عقدا د وليا إذا ما تضمن عنصرا أجنبيا يؤثر على خضوعه للقانون الداخلي أو القضاء الوطني [6] .
عرف الفقهاء ومن بينهم العميد "باتيفول " العقد الدولي على أنه " يعد ظاهرة تحتل مكانا بارزا في الحياة الإجتماعية "، هذا ويورد الدكتور محند إسعد تعريف العقد فيقول " إن فكرة العقد على المستوى الدولي تتمتع بوزن حقيقي وواقعي يفوق بالضرورة وزن النصوص ذات الطابع الرسمي " وهناك من عرفه على أنه " تلك المبادلات التجارية التي تتعدى آثارها إطار الاقتصاد الوطني نظرا لما تؤدي إليه من إنتقال الأموال و المنتجات و كذا البضائع و حتى الخدمات عبر الحدود" [7]، أو هو "مجموعة التصرفات القانونية الاتفاقية التي تجري بين أطراف متصلى بالقانون الخاص لاجراء معاملات تجارية دولية بينهم ، فهو بهذا الوصف مصطلح يتعلق بعقد دولي ينظم عمليات البيع الدولي في مجال السلع والخدمات ، المنتجات[8] . وفي هذا الاطار نقول أن هذا العقد ذو طبيعة خاصة لا يوجد تعريف جامع مانع يحدد لنا المقصود بالعقد الدولي ولذلك نأخذ مبدئيا بالتعريف القائم على أن العقد التجاري الدولي هو ذلك العقد الذي بحكم طبيعته يتخطى إطار النظام القانوني الوطني المختص أصلا بحكم علاقة القانون الداخلي.
قبل حديثنا عن المعايير المعتمدة في تحديد دولية العقد نشير الى ان مسألة تحديد مفهوم العقد التجاري الدولي من المسائل الصعبة لاختلاف وجهات النظر من قبل الفقه والقضاء حول هذا الموضوع و لذا إتجه جانب من الفقه إلى القول أنه ليس مكن المستحسن و ضع تعريف شامل لعقود التجارة الدولية مفضلين تقرير صفة الدولية من عدمها حسب ظروف كل قضية على حدة عندما تنظرها المحكمة .
أما بالنسبة لتحديد صفة تجارية العقد الدولي نقول أنه رغم التطور الذي لحق بهذا النوع من العقود إلا أن مسألة صعوبة تحديد تجارية هذه العقود ما زالت مطروحة ، فالعقود التجارية لا تستقل بنظرية
خاصة عن تلك التي تسري على العقود المدنية ، فهي تخضع في تكوينها و شروط صحتها غلى القواعد التي يقررها القانون المدني بإعتبار أن قواعد هذا الاخير تعد الشريعة العامة التي تطبق على كافة العقود عند إنعدام نص خاص .
فالعقد التجاري الدولي هو ذلك العقد الذي ينصب موضوعه على عمل تجاري ، أو الذي يجريه تاجر لحاجات تجارته مالم يقم الدليل على عكس ذلك الامر الذي يستلزم لمعرفة طبيعته البحث عن الظروف التي أحاطت بتكوينه و الباعث من إبرامه ، لأنه وفقا لهذه الظروف قد تلحق الصفة التجارية به على الرغم من طبيعته المدنية وإن كانت هذه الظروف تدور حول المحاور أو المعايير التي حددها القانون لاعتبار العمل تجاريا لا سيما أن العقود تعد أهم هذه الأعمال [9].
اولا : أطراف العقد التجاري الدولي :
أطراف العقد التجاري الدولي :إن لتحديد طبيعة أطراف العقد أهمية نتيجة لما ينتج عن هذه الاخيرة من آثار فيما يتعلق بمعرفة جنسية الأطراف المتعاقدة و هل يتعلق الامر بعقد أم إتفاقية . تعريف الطرف في العقد الدولي :قد يكون طرف العقد الدولي شخصا طبيعيا أو إعتباريا ، و قد يكون الطرف من أشخاص القانون الدولي العام كالدولة أو إحدى الأجهزة أو المؤسسات التابعة لها ، أو من أشخاص القانون الخاص كالشركات و الجمعيات و كذلك المنظمات الدولية والإقليمية[10]. هذا وتتنوع المسميات التي تطلق على أطراف العقد الدولي حسب طبيعة العقد وموضوعه ، مثل المستورد و المصدر ، المورد ، والمرخص و غيرها من المسميات و يتم إختيار المسمى بحسب العقد المتعارف عليه دوليا في العقود النموذجية من جهة و ما هو سائد التعامل به في منطقة إبرام العقد . أما بالنسبة لمسألة الاهلية الخاصة بالاطراف المتعاقدة فنقول أن الاهلية الخاصة بالأطراف المتعاقدة لابد منها لصحة و نفاذ العقد ، وهي ترتبط بالشخص الطبيعي أما الشخص المعنوي فإن الامر يتعلق بمن يبرم العقد بإسمه أو نيابة عنه .
المطلب الثاني مميزات وخصائص العقد التجاري الدولي
إن العقد التجاري الدولي هو ذلك العقد الذي يتجاوز الحدود الجغرافية لوحدة جغرافية معينة أو عدة وحدات ، وهذا ما يدفعنا لاستخلاص أهم المميزات والخصائص التي تجعله يختلف عن العقود الداخلية .
1-ميزة الصفة الدولية : تبرم العقود التجارية بوصفها عقود دولية ذات طابع تجاري و تظهرهذه الميزة بصفة جلية إذا وقع بشأن أحكام العقد تنازع بين القوانين الدولية سواء تعلق الامر بأهلية التعاقد أو شروطه أو موضوع العقد أو غيرها من العناصر أو الشروط الشكلية والموضوعية الخاصة بالعقد ، حيث إختلف الفقه و القضاء حول المعيار المعتمد لإضفاء الصفة الدولية على هذه العقود لتحديد القانون الواجب التطبيق ،و منه حل مشكلة تنازع القوانين ، فإن لم يظهر هذا التنازع بين القوانين المتصلة بالعقد التجاري فلا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيفه ضمن العقود الدولية بل يعتد به كعقد تجاري وطني محض. تمثلت أهم المعايير المعتمدة لإضفاء الصفة الدولية على العقد في الاتي :
1-رأي الفقه والقضاء :يعتد الفقه والقضاء في إضفاء الصفة الدولية على العقد على معايير منها ما هو قانوني و منها ما هو إقتصادي .
أ/ الإتجاه القضائي (الاقتصادي) : و مفاد هذا الإتجاه أن تحديد صفة دولية العقد تتم وفقا لمحتواه الإقتصادي ، لأن العقد تصرف قانوني إرادي تترتب عليه آثار إقتصادية في المجال الدولي ، ويمثل أهم وسيلة قانونية في التجارة الدولية بمفهومها الواسع ، و هناك قضايا شهيرة في هذا المجال قضى فيها القضاء الفرنسي بدولية العقد بناءا على آثاره الاقتصادية منها تلك القضية التي صدر فيها حكم في 17 من ماي سنة 1967 عن محكمة النقض الفرنسية و التي قضت على أن إضفاء الصفة الدولية على العقد يقوم على العلاقات و التصرفات التجارية التي تم من خلالها تدفق السلع عبر الحدود ،و اتبعت المحكمة في قضائها هذا على تحليلات المحامي "مارتر "و الذي يتلخص رأيه في أن العقد يعد دوليا إذا ترتب عليه تحركات أو تدفقات للأموال عبر الحدود أي يجب أن ينشئ العقد عملية تبادل حركي بين البضائع و قيمتها عبر الحدود الدولية[11] .
استند القضاء الفرنسي (محكمة النقض) في تحديد الصفة الدولية للعقد على معيار اقتصادي يعد بموجبه العقد دولياً إذا كان يتصل بمصالح التجارة الدولية. أي ينطوي على رابطة تتجاوز الاقتصاد الداخلي لدولة ما، ويترتب عليها حركة للأموال وانتقالها من مكان إلى آخر.
و كنتيجة لما سبق يمكن القول أن العقد الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية ، ويندرج ضمن شؤونها يعد عقدا دوليا ، أي دولية العقد تترتب بالنظر غلى محتواه الإقتصادي
2-الإتجاه الفقهي (المعيار القانوني ) : إن إعتماد القضاء الفرنسي للمعيار الإقتصادي في تحديد صفة دولية العقد من عدمه لم يمنع الفقه من إعتماد معيار مخالف ألا وهو
المعيار القانوني و مفاده أن الصفة الدولية للعقد تتوفر كلما كانت لعناصر هذا الاخير الرئيسية علاقة مع أكثر من نظام قانوني واحد ، وتتمثل هذه العناصر إما في مكان ابرام العقد أو تنفيذه أو جنسية المتعاقدين أو موطنهم .
و لقد عرف العميد " باتيفول " العقد الدولي على أنه "يعتبر دوليا إذا كانت الأعمال المتعلقة بإنعقاده أو تنفيذه أو حالة الأطراف فيه سواء من جهة جنسيتهم أو مجال إقامتهم أو من ناحية تركيز موضوعه تتصل بصلات أو روابط مع أكثر من نظام قانوني " .[12]
حيث قد قضت محكمة باريس في قرارها الصادر في 17 جوان 1970 في قضية السيد ' هشت " « Hechtبما يلي : يعتبر العقد دوليا إذا إرتبط بعدة معايير قانونية مصدرها دول متعددة و أكدت محكمة النقض الفرنسية هذا القرارفي سنة1972 .
وفي نفس السياق قضت نفس المحكمة الفرنسية في قضية bourion tradieu.سنة 1977بناء على فس المعيارواعتبرت العقد دوليا لارتباطه بمعايير قانونية وقد استنتجالفقهاء المهتمينبهذا الميدان أن القضاءتبنىمن خلاله المعيار القانوني وحده وبالتالي أصبح العقد الدولي يرتكز على مجرد معطيات قانونية محضة.
هذا و يتجه القضاء الفرنسي الحديث عند التصدي لمدى دولية العقد إلى الجمع بين كل من المعيار الإقتصادي و المعيار القانوني ، على هذا النحو لا يكتفي القضاء عند تقرير دولية المعاملات المالية من التحقق من وجود عنصر أجنبي في الرابطة العقدية (المعيار القانوني )، و إنما هو يحرص أيضا على التأكد من تعلق الأمر بمصالح التجارة الدولية (المعيار الإقتصادي ).
إضافة إلى كل من المعيار القانوني والإقتصادي يمكن الإعتماد على المعيار الموحد الذي جاء به القانون الموحد للبيع الدولي و الذي وضع بموجب إتفاقية لاهاي لسنة 1964 ، فالبيع الدولي وفقا لهذا المعيار لا يرتبط بإختلاف جنسية المتعاقدين ، إذ قد يعد البيع دوليا و لو كان كل من البائع والمشتري من جنسية واحدة و إنما العبرة بإختلاف مراكز اعمال الأطراف المتعاقدة ، أو مجال إقامتهم العادية[13]
3- المعيار المختلط :يقوم هذا المعيار على أساس المزج بين المعيار الاقتصادي والقانوني ، حيث أن المعيار القانوني يمكنه ٌإثارة مشكلة تنازع القوانين ، ولذا لا يمكن الإعتماد عليه وحده لإضفاء الصفة الدولية على العقود ، فلا يكفي مثلا إختلاف جنسية الأطراف المتعاقدة فحسب للإعتراف للعقد بالصفة الدولية و إخضاعه لقانون أجنبي ، هذا من جهة أما من جهة أخرى فقد لا يكون المعيار الإقتصادي كافيا أيضا بمفرده لمنح الوصف الدولي للعقد بسبب عدم الأهمية الإقتصادية للعقد على الصعيد الدولي . فلا يمكن إعتبار شخص يتسوق في بلد أجنبي مثلا بأنه يبرم عقدا دوليا ، فهذا لا يحقق تماما المقصود بمسألة الإرتباط بالإقتصاد الدولي و مصالح التجارة الدولية ، بينما لو أقدم هذا المتسوق على شراء كمية كبيرة من البضائع لأجل بيعها في بلد آخر أو لينقلها لبلد آخر فإن العقد هنا يعتبر دوليا لتحقيقه مصلحة التجارة الدولية [14].
وهذا يعني أن أعمال المعيار الاقتصادي لدولية العقود لا يتعارض مع المعيار القانوني، لأن العقد الذي يترتب عليه حركة للأموال وانتقالها من دولة إلى أخرى ـ أي يتعلق بمصالح التجارة الدولية ـ هو عقد دولي وفقاً للمعيار الاقتصادي، وهو عقد يتصل بالضرورة بأكثر من نظام قانوني واحد، وبالتالي يكون عقداً دولياً وفقاً للمعيار القانوني في الوقت نفسه..
إلا أن الأمر يختلف فيما لو اكتسب العقد طابعه الدولي وفقاً للمعيار القانوني (الواسع تحديداً)، إذ ليس بالضرورة أن يتحقق معه المعيار الاقتصادي لدولية العقود.
ومن هنا يتبين أن المعيار القانوني لدولية العقد أوسع من المعيار الاقتصادي، وأن الأخذ بالمعيار الاقتصادي سيفضي بالضرورة إلى المعيار القانوني في حين أن العكس غير صحيح بالضرورة[15].
وهكذا نخلص إلى أن دولية العقد هي الشرط الأساسي لإعمال قاعدة تنازع القوانين التي تقضي بإخضاع العقد للقانون الذي تختاره إرادة المتعاقدين .
4- في إطار الإتفاقيات الدولية : إن الإتفاقيات الدولية التي تضمنت مجالات من أنواع التعامل الدولي و إعتبرت فيها العقد دولي بطبيعته كثيرة ،وقبل الحديث عنها نشير الى اللجنة الدائمة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 كانون الأول/ديسمبر 1966 تحت مسمى «لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي United Nations Commission on International Trade Law»، بهدف تشجيع التنسيق والتوحيد التدريجي لقانون التجارة الدولية. وحدد قرار إنشائها نوعية الأعمال التي يتسنى للجنة القيام بها لتحقيق هذا الغرض، ومنها على وجه الخصوص إعداد مشروعات اتفاقيات دولية وقوانين نموذجية وقوانين موحدة جديدة، أو تشجيع الأخذ بهذه الأدوات، وتشجيع تدوين المصطلحات التجارية والقواعد والعادات والممارسات الخاصة بالتجارة الدولية ونشرها[16]. وقد أنجزت لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة عدداً لا بأس به من الاتفاقيات الدولية والقواعد النموذجية أهمها:
أ/ إتفاقية لاهاي : نصت إتفاقية لاهاي لسنة 1955 في مادتها الأولى أنها تنطبق على البيوع الدولية للمنقولات المادية ، و لكنها لم تبين في هذه المادة و لا في غيرها من المواد الاثنى عشرة التي احتوتها بيان كيف تتحدد الصفة الدولية في نطاقها .
ب/ إتفاقية فيينا :نصت إتفاقية فيينا لسنة 1980 في الفقرة الأولى من مادتها الاولى على أنه :" تطبق أحكام هذه الإتفاقية على عقود بيع البضائع المعقودة بين الأطراف الذين توجد أماكن عملهم في دول مختلفة و ذلك عندما تكون هذه الدول متعاقدة أو عندما تؤدي قواعد القانون الدولي الخاص إلى تطبيق قانون دولة متعاقدة .
إلى جانب هاتين الاتفاقيتين هناك اتفاقيات اخرى ذات صلة بالموضوع منها:
- اتفاقية مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع في نيويورك سنة 1974، و«البروتوكول» المعدل لاتفاقية مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع في ڤيينا سنة 1980.
-اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع لعام 1978 في هامبورغ وتعرف باسم قواعد هامبورغ التي دخلت حيز النفاذ في أول تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1992 فيما يتعلق بالدول المنضمة إليها.
- اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع في ڤيينا سنة 1980 التي دخلت دور النفاذ في أول كانون الثاني/ يناير سنة 1988 فيما يتعلق بالدول التي انضمت إليها..
- القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي في حزيران/يونيو .1985.
- اتفاقية الأمم المتحدة بشأن السفاتج (الكمبيالات) الدولية والسندات الأذنية الدولية التي أقرتها اللجنة في اجتماعها في ڤيينا بتاريخ 14 آب/أغسطس 1987.
- الدليل القانوني لصياغة العقود الدولية لتشييد المنشآت الصناعية على حسب ما أقرته مجموعة العمل التي انعقدت في نيويورك في نيسان/ أبريل 1987، وقد أقرته اللجنة في فيينا بتاريخ 14 أغسطس سنة1987.
بالرجوع لما ورد في إتفاقية لاهاي فالواضح أنها لا تلتفت إلى كون أماكن عمل الأطراف توجد في دول مختلفة إذا لم يتبين ذلك من العقد ، أو من معاملات سابقة بين الأطراف قبل إنعقاد العقد ، أو في وقت إنعقاده[17].
أي لا تؤخذ بعين الإعتبار جنسية الأطراف و لا الصفة المدنية أو التجارية للأطراف أو العقد في تحديد تطبيق هذه الإتفاقية ، فالعبرة بإختلاف أماكن العمل بين البائع والمشتري ، ووجود هذه الأماكن في دول مختلفة ، ولا أهمية بعد ذلك لجنسية الأطراف و بالتالي يعتبر البيع دوليا في حكم هذه الإتفاقية رغم إتحاد الجنسية ، فتكون الصفقة المبرمة بينهما عقدا دوليا لذلك لا أهمية للصفة المدنية أو التجارية لهم أو للعقد المبرم بينهما [18].
ميزة العقد النموذجي :تتميز العقود التجارية الدولية بوصفها عقود نموذجية ، حيث يجوز لكل من البائع و المشتري حرية إختيار الشكل الذي يرونه يتناسب و طبيعة المعاملات التي يبرمونها ، و مع ذلك فإن الشكل و إن كان من الخصائص التي تطبع هذه العقود إلا أنه ليس من مستلزماتها .
-ميزة سلطان الإرادة :من بين أهم ما تتميز به العقود التجارية الدولية هو حرية أطرافه و التي يعبر عنها عادة بمبدأ سلطان الإرادة ، حيث يجوز لهم إختيار القانون الذي سيطبق على العقد التجاري الدولي ، فللأطراف حرية إختيار قواعد تنظم العلاقة بينهم سواء بإعتماد أي نموذج قانوني موجود في أي تشريع ، أو إبتكار قواعد جديدة منظمة للعلاقة التجارية وفقا لما يتم التعامل به من أعراف تجارية دولية.و هذا ما يجعل العقد الدولي يتميز عن العقد الداخلي الذي يخضع في كل تفاصيله للقواعد الداخلية،[19] و التي ليس للأطراف فيها الحرية في اختيار قانون العقد، وانما تحكم هذا الاخير النصوص الآمرة التي لا مجال للأطراف لمخالفتها أو تجاوزها، وعليه هذا العقد لايطرح مشكل تنازع القوانين لأنه يتم في اطار قانون واحد وفي نفس السياق نصت اتفاقية روما بشأن القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية أنه لامجال لإعمال خيار الاطراف للقانون المطبق على العقد في حالة كون كل عناصر العقد في دولة واحدة.
-ميزة الطرف الأجنبي :يكون أحد أطراف العلاقة التعاقدية في العقود التجارية الدولية طرفا أجنبيا و قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا .
-دولية العقد في التشريع الجزائري :
لم يتضمن التشريع الجزائري ما يدل على المعيار الذي أخذ به المشرع في إضفاء الصفة الدولية على العقد ، هل هو المعيار الإقتصادي أو القانوني و إنما كل ما يمكن الحديث عنه هو ما تضمنته المادة 1039من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد رقم 08/09 و التي نصت على أن "التحكيم يعد دوليا إذا كان يخص النزاعات المتعلقة بالمصالح الإقتصادية لدولتين على الأقل "، حيث ركز المشرع الجزائري على المصالح الإقتصادية للدول ، و هذا يدل على إعتماده على المعيار الإقتصادي أكثر من المعيار القانوني .
بالرجوع لساحة الاجتهادات القضائية يرى البعض أن العديد منها تضمنت ضرورةالجمع بين المعيار الاقتصادي و القانوني لصعوبة فصل أحدهما عن الآخر مما يحتم اعتماد المعيار المختلط فكل عقد اقتصادي هو بالضرورة دولي بالمفهوم القانوني [20]
-[2]محمد سعيد جعفور ، نظرات في صحة العقد و بطلانه في القانون المدني و الفقه الاسلامي ، دون طبعة ، دار هومه للطباعة والنشر و التوزيع ، الجزائر ، سنة 2003، ص (16-18).
د/ عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، دار غحياء التراث العربي ، بيروت دون تاريخ الطبعة ، ص138.[3]
. [4] د/مصطفى محمد الجمال ، أضواء على عقد التحكيم ، بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية الصادرة عن كلية الحقوق ، جامعة بيروت ، المجلد الأول ، العدد الأول ، يونيو 1998، ص208. [4]
3- د/ عزيز العكيلي ، الوجيز في شرح القانون التجاري ، الدار العلمية الدولية للنشر و التوزيع و دار الثقافة للنشر و التوزيع ، عمان ، الطبعة الأولى ،سنة 2000، ص208.[5]
.د/عمر سعد الله ، قانون التجارة الدولية ، النظرية المعاصرة ، الطبعة الاولى ، دار هومه ، الجزائر ، سنة 2007 ، ص 157[7]
د/محمود محمد ياقوت ، حرية المتعاقدين في إختيار قانون العقد الدولي بين النظرية والتطبيق ، منشأة المعارف ، مصر سنة 2000، ص65.[8]
.د/ محمد إبراهيم موسى ، إنعكاسات العولمة على عقود التجارة الدولية ،دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، سنة 2007، ص 22. [9]
.[12].(1-13) أ/ يحي إبراهيم ، التنظيم المعلوماتي للمبيعالت و نمذجتها ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم الإقتصادية ، جامعة الجزائر ، سنة 1994، ص 13.[12]
-[13] د /محمود سمير الشرقاوي ، العقود التجارية الدولية ، دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع ، دار النهضة العربية ، مصر سنة 1992 ، ص 16.
1- .[14] د/ عدلي محمد عبد الكريم ، النظام القانوني للعقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجنبية ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة أبي بكر بلقاسم تلمسان ، الجزائر سنة 2010-2011، ص 67.
[15]وفاء فلحوط ، عقود التجارة الدولية، مقال منشور على موقع الموسوعة القانونيةالمتخصصة http://arab
-ency.com.sy/law/detail/163930
[18] د/محمد شكري سرور ، أحكام عقد البيع الدولي للبضائع وفقا لإتفاقية فيينا 1980، مجلة الحقوق ، جامعة الكويت ، العدد 03، السنة 16، سبتمبر 1994، ص119
تعليقات
إرسال تعليق